إعطاء الخيارات بدل الأوامر: كيف تؤثر على الآخرين بشكل ذكي دون فرض السيطرة

إعطاء الخيارات بدل الأوامر: كيف تؤثر على الآخرين بشكل ذكي دون فرض السيطرة

"كيف يمكن لإعطاء الخيارات بدلاً من الأوامر أن يعزز التعاون ويساهم في اتخاذ القرارات بشكل ذكي؟"

: في عالم العلاقات الشخصية والمهنية، نواجه أحيانًا الحاجة لتوجيه الآخرين أو تحفيزهم على اتخاذ قرارات معينة. ولكن، بدلًا من إصدار أوامر مباشرة قد تكون مرفوضة أو قد تخلق تأثيرًا سلبيًا، هناك أسلوب آخر يمكن أن يكون أكثر فعالية وذكاءً. وهو إعطاء الخيارات بدلًا من إعطاء الأوامر. هذه الطريقة لا تجعل الشخص يشعر وكأنه مفروض عليه شيء، بل تجعله يشعر أنه هو من اتخذ القرار، رغم أنك في الواقع قد حددت الاتجاه مسبقًا.

في هذا المقال، سنتناول أهمية إعطاء الخيارات وكيفية استخدام هذا الأسلوب الذكي في التأثير على الآخرين.

1. لماذا إعطاء الخيارات أفضل من الأوامر؟

إصدار الأوامر يمكن أن يخلق شعورًا بعدم التحكم أو الضغط على الشخص الآخر، مما قد يؤدي إلى رفض أو تسويف تنفيذ المهمة. من جهة أخرى، عندما نعرض على الشخص خيارات متعددة، فإننا نمنحه الإحساس بالتحكم والقدرة على اتخاذ القرار. وهذا يعزز الاحترام المتبادل ويزيد من الالتزام تجاه المهمة المطلوبة.

كيف يعمل إعطاء الخيارات؟
تحفيز الشعور بالاستقلالية: إعطاء الشخص خيارات يعزز شعوره بأنه مسؤول عن قراراته. حتى لو كانت الخيارات تندرج في الاتجاه الذي تريده، الشخص يشعر بأنه اتخذ القرار بنفسه.
تقليل المقاومة: عندما يشعر الشخص أنه ليس مضطرًا لتلبية أمر مباشر، فإنه يكون أكثر استعدادًا للقيام بالمهمة دون تردد أو مقاومة.
تحقيق نفس الهدف: بدلاً من إصدار أمر واحد قد يثير مقاومة، يمكنك أن تقدم خيارين أو ثلاثة خيارات وكلها تقود إلى الهدف نفسه. هذا يسمح للشخص أن يشعر بالراحة بينما تحقق الهدف المطلوب.
2. كيفية تقديم الخيارات بشكل ذكي؟
لتقديم خيارات بشكل فعال، يجب أن تكون حذرًا في اختيار الكلمات والطريقة التي تقدم بها الخيارات. الهدف هنا هو تمكين الشخص من اتخاذ القرار، دون أن تشعره أنه خارج دائرة تحكمك. إليك بعض الأمثلة العملية:

تقديم خيارات بديلة: إذا كنت تريد من شخص ما إنجاز مهمة في وقت معين، بدلاً من قول:
"لازم تنجز هذا العمل اليوم!"
يمكنك القول:
"تحب تخلصه الآن أو بعد المساء؟"
بهذا الأسلوب، أنت قد قدمت له خيارات تحترم وقته وتمنحه الشعور بأن له القدرة على اتخاذ القرار، لكن في النهاية، أنت الذي حددت إطار الزمن الذي ترغب في أن تتم فيه المهمة.

تقديم خيارات بخصوص الأنشطة أو العادات: إذا كنت تحاول تحفيز شخص على اتباع عادات صحية، مثل تناول الطعام الصحي، بدلاً من أن تقول:
"لازم تأكل أكل صحي"،
يمكنك أن تقول:
"تحب تبدأ بالأكل الصحي في الفطور أو العشاء؟"

هنا، تتيح له اختيار الوقت الذي يشعر أنه الأنسب له، ولكنك ضمنت أن يتناول الطعام الصحي.

تقديم خيارات إيجابية: عند إقناع شخص بفعل شيء مفيد له، يمكنك تقديم خيارات تجعله يشعر بأن الفعل نابع من اختياره الشخصي. على سبيل المثال:
"تحب تروح للتمرين الصباح أو بعد الظهر؟"
بهذا الشكل، أنت تفتح له الفرصة للاختيار، ولكنه في النهاية سيذهب إلى التمرين الذي ترغب فيه.

3. الفوائد النفسية لإعطاء الخيارات:

إعطاء الخيارات له تأثير كبير على النفس البشرية. وعندما نُمنح الفرصة لاختيار، نشعر بـ:

الشعور بالتحكم:
عندما نقرر بأنفسنا، نشعر بمزيد من التحكم في حياتنا، مما يعزز الثقة في أنفسنا.
الاستقلالية: يُحسن تقديم الخيارات من الإحساس بالاستقلالية لدى الشخص، وهذا بدوره يُعزز الرضا الشخصي.
تقليل المقاومة الداخلية: تقديم الخيارات يقلل من المقاومة النفسية لأنه يجعل الشخص يشعر أنه اختار طريقه.
4. كيفية تقديم الخيارات بفعالية في القيادة:
إذا كنت قائدًا لفريق عمل، يمكن أن يكون إعطاء الخيارات أسلوبًا فعالًا لتعزيز الالتزام والتحفيز. بدلاً من فرض الأوامر، يمكنك تقديم خيارات مدروسة تحفز الفريق على اختيار الأفضل:

حدد النطاق: قدم خيارات ضمن نطاق معين بحيث تكون جميع الخيارات التي تقدمها قابلة للتنفيذ وتحقق نفس النتيجة.
اجعل الخيارات إيجابية: قدم خيارات إيجابية وتحفيزية لضمان أن الشخص لا يشعر بأنه مجبر على الاختيار، بل يشعر بأنه متحمس للاختيار.
ابقَ واقعيًا في تقديم الخيارات: اجعل الخيارات واقعية ومناسبة للشخص الذي تقدم له الخيار. لا تُعرض عليه خيارات مستحيلة أو غير واقعية، لأن هذا سيؤدي إلى الرفض أو الإحباط.
5. الاختيار بين الخيارات:
على الرغم من أنك تقدم خيارات متعددة، من المهم أن تظل واضحًا بشأن الهدف النهائي الذي ترغب في تحقيقه. يجب أن تكون الخيارات التي تقدمها محددة وتشير بوضوح إلى الاتجاه الذي ترغب في اتخاذه. الشخص الذي يتلقى هذه الخيارات يشعر بالراحة لأنه لا يشعر بالضغط ولكن في الوقت نفسه يعمل على تحقيق هدفك.

إعطاء الخيارات بدل الأوامر هو أسلوب قوي في التأثير على الآخرين وتحفيزهم بطريقة إيجابية وفعالة. بدلاً من فرض الأوامر التي قد تؤدي إلى مقاومة، يمكنك أن تمنح الشخص الحرية في اتخاذ القرار، مما يجعلهم يشعرون بأنهم أصحاب القرار. جرب هذا الأسلوب في حياتك اليومية، سواء في المنزل أو العمل، وستلاحظ تحسنًا ملحوظًا في التعاون والنتائج.