مشكلة الملل، عندما تقوم بعمل الشيء ذاته يوم بعد يوم ثم تتوقف بعد ذلك لأنك لم تعد تطيقه، هذه المشكلة التي تواجهنا في معظم الأعمال والمهام التي نقوم بها، وهي تواجهنا وتعترض طريقنا في رحلة اتقان اللغة الانجليزية. فما هو الحل لمشكلة الملل، كيف نجد الشغف اليومي الذي يدفعنا دائماً للتقدم نحو هدفنا المنشود المتمثل في إتقان الانجليزية؟
في البداية وقبل أن تبدأ قراءة الحلول والأفكار، يجب ان تعلم أخي/أختي أن رحلة اتقان اللغة الانجليزية رحلة طويلة، لن تصل إلى هدفك في شهرين أو ثلاثة، بل ربما يتطلب الأمر سنوات (حسب مستواك الحالي والوقت الذي تخصصه كل يوم للتعلم والممارسة)، المشكلة هي عندما لا يدرك المتعلم منذ البداية هذه الحقيقة الهامة، فيجتهد في شهر أو شهرين، ثم عندما لا يجد نتائج واضحة في مستواه يصيبه الملل والإكتئاب لأنه يشعر بأنه فشل في مهتمه. لذلك لا تتوقع نتائج باهرة في عدة شهور، الأمر يتطلب وقت، معرفة هذه الحقيقة قد تساعدك على الصبر والتأني والعمل الهادئ المنظم وعدم الملل
حولها إلى عادةكنت أقرأ في كتاب الدكتور سلمان العودة (زنزانة) فتوقفت عند بعض كلامه عن (العادة)، ثم تأملت مسألة تعلم اللغة الانجليزية ولماذا الكثير من الشباب يفشلون في الوصول إلى الإتقان فيها رغم أنها تُدرس في جميع المراحل ورغم أن معاهد اللغة تمتلئ بالمتعلمين، المشكلة أنهم لم يحولوا تلك المهمة الثقيلة إلى عادة يومية محببة يؤديها الواحد منا بشكل تلقائي وكأنها من أمور يومه الروتينية.
هل تشعر بالملل عندما تأكل؟ هل تشعر بالملل عندما تمارس الرياضة الصباحية رغم أنها متعبة ومرهقة للجسد؟ هل تشعر بالملل وأنت تقضي عدة ساعات كل يوم تدردش مع أصدقائك عبر الواتساب والفيسبوك وغيرها من شبكات التواصل؟ هذه هي عادات تعودت النفس عليها، وأصبحت حزء من روتين اليوم الأساسي، وأصبح من الصعب على النفس ترك بعض تلك العادات، إذاً فالمطلوب هو تحويل بعض أنشطة تعلم وممارسة الانجليزية إلى عادات يومية.
الصبر والربطهنالك الكثير من الكلام من عالم التنمية البشرية التي تقول أنك عندما تداوم على العمل يوم بعد يوم لمدة معينة، ربما شهر أو شهرين بالكثير، بعد ذلك يصبح هذا العمل عادة يومية يتعود عليها العقل ويقوم بأدائها بدون إلزام، تصبح روتيناً يومياً مثل الأكل والنوم.
اذاً انت بحاجة في البداية أن تصبر وتلتزم على أداء النشاط في أول شهر يوم بعد يوم حتى يتحول ذلك النشاط إلى عادة يومية محببة إلى قلبك، لكن طبعاً يجب في البداية أن يكون النشاط فيه تشويق وإمتاع، من الصعب أن ترغم نفسك على شيء تكرهه ومن الصعب أن تحول الأنشطة التي تكرهها إلى عادات يومية.
الأمر الآخر المصاحب للصبر في الأسابيع الأولى، هو الربط، أن تربط نشاط التعلم والممارسة بشيء محبب إلى نفسك، مثلاً شرب القهوة الصباحية ان كنت من مدمني شرب القهوة، أو الرياضية الصباحية، أو حتى بمنطقة جميلة محببة إلى نفسك تحب الجلوس فيها وتستمع بوقتك وأنت فيها، سأعطيك بعض الأمثلة العملية في الفقرات التالية كي يتضح الأمر.
عاداتي الشخصيةلقد تعودت منذ فترة طويلة على أن أقضي نصف ساعة أو أكثر في الصباح الباكر لمراجعة كلمات اللغة الانجليزية عبر تطبيق Anki وبواسطة هاتفي (جالكسي نوت) الذي يحتوي على القلم الذكي، هذا القلم استخدمه لكتابة كل كلمة اراجعها على واجهة التطبيق أثناء المراجعة، لكن ليس هذا فحسب، فربما هذا النشاط لا يحفز لتكوين عادة محببة إلى النفس.
الأمر الآخر المهم، أني تعودت على ممارسة هذا النشاط أثناء شرب قهوتي الخاصة المكونة من أعشاب طبيعية (والتي أعدها بنفسي)، أمارس هذا النشاط في سطح المنزل حيث الأجواء الهادئة وزقزة العصافير الجميلة في الصباح الباكر بعيد عن أي ازعاج، هذا الجو الخاص والمحيط ساعدني على تكوين هذا العادة، حتى أني لم اعد استمتع بشرب قهوتي دون مراجعة كلماتي، لقد ارتبط هذا النشاط بشرب القهوة في الصباح الباكر بجانب العصافير التي تصدح بأصواتها الجميلة، لذلك أصبح هذا النشاط من العادات الصباحية التي من الصعب علي تركها.
عادة أخرى: منذ فترة كنت اعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية، كنت أركب المواصلات العامة إلى منطقة قريبة ثم أتمشى حوالي كيلو متر واحد حتى اصل إلى مبنى تلك المؤسسة، تعودت حينها أن استمع إلى حلقة جديدة من بودكاست (ESLPod) الصوتي أثناء المشي إلى المبنى، يوماً بعد يوم حتى أصبح نشاط الاستماع هذا عادة يومية، إلى درجة أنه أصبح من الصعب أن احتمل عناء المسير اليومي دون الاستماع إلى (جف مكولن) وطرائفة اللطيفة خلال شرحه الجميل.
الدور عليك الآن
لا أحد يمكنه صنع عاداتك الشخصية، لأن كل شخص له اهتماماته وميوله وأنشطته اليومية، لذلك: اجلس مع نفسك ساعة زمن في صفاء وفكر كيف تربط أنشطة تعلم اللغة الانجليزية مع عادات يومية محببة إلى قلبك، ثم ابدأ بذلك واستمر على الأمر عدة أسابيع حتى تصبح عادة يومية يصعب عليك تركها، سأعطيك بعض الأمثلة السريعة:
استماع + مشي: هنالك العديد من الحلقات الصوتية المفيدة لتطوير لغتك الانجليزية، أياً كان مستواك وميولك فسوف تجد بودكاست محبب إليك، اربط فترة الاستماع بفترة المشي سواءً المشي الصباحي بهدف الرياضة أو المشي إلى عملك أو مدرستك أو أي مكان آخر.
تعلم في مكان محبب إلى قلبك: التعلم عن بعد يتيح لك اختيار الزمان والمكان المناسب لك، بعكس التعلم في معاهد اللغة الذي يلزمك بتوقيت معين ومكان محدد، لذلك استثمر هذه الميزة وتعلم في المكان المحبب إليك، سواءً في النادي أو في الحديقة أو على الشاطئ، ربما في سطح المنزل أو في فناء البيت، اختر مكاناً جميلاً واقضي فيه ساعة كل يوم تتعلم الانجليزية عبر اللابتوب أو الجهاز اللوحي أو حتى الهاتف الذكي.
تعلم واستمتع
الإبداع يأتي عندما نحب ما نعمل، لن تبدع إن كنت مكرها على العمل أو التعلم، لذلك يجب أن تحب هذه الرحلة، أن تشعر بالمتعة وأنت تتعلم اللغة الانجليزية، لكن قد تسألني: كيف ذلك وأنا أشعر بالملل ولم أعد أحب التعلم، إذاً الحل هو في أن تتعلم بالطريقة المحببة إلى قلبك، يمكنني الآن أن أسرد لك 100 طريقة لتعلم وممارسة اللغة الانجليزية، كم من مواقع على شبكة الانترنت وكم من تطبيقات على الهواتف الذكية وكم من مصادر مجانية متاحة بين يديك في هذا العصر الذي نعيش فيه، وكأنها فواكه متعددة الألوان تدعوك أن تأكل مما تشتهي نفسك.
ابحث عن الطريقة المحببة إلى قلبك في تعلم الانجليزية، الطريقة التي لا ترغم نفسك على ممارستها، هل تحب مشاهدة الأفلام، إذا تعلم الانجليزية بواسطة الأفلام والمسلسلات الأجنبية، هل تحب متابعة الأخبار، اذا تعلم الانجليزية بواسطة الأخبار عن طريق (
voanews) مثلاً، هل تستمتع بقراءة القصص والروايات، إذاً امامك آلاف القصص القصيرة والروايات الانجليزية التي من خلالها يمكنك تعلم الانجليزية، ما عليك إلا البحث في قوقل بعبارة مثل (short stories to learn english) وستجد عشرات النتائج.
لا عذر لك في هذا العصر، لو كنت تعيش قبل 20 سنة من الآن لكنت تعاني فعلاً لأن الخيارات كانت محدودة، كانت الطريقة الوحيدة لتعلم اللغة هي من خلال الكتب والشرائط وربما بعض المدرسين المملين، لكن اليوم المصادر كثيرة ومتعددة، لذلك ابحث عن ما تحب دائماً واستمتع وأنت تتعلم.
نوع في المصادر
طبيعة النفس انها تمل من الشيء ذاته مع الوقت، حتى ان كان ممتعاً ومحبباً إلى القلب، النفس دائماً تحب التغيير، هذه المشكلة التي تواجهنا حتى عندما نتعلم بالطريقة المحببة إلى القلب، لذلك فنصيحتي هي أن تنوع في المصادر والطرق والأساليب، كما ذكرت سابقاً؛ هنالك مئات المواقع والتطبيقات والمصادر المجانية المتاحة كي تتعلم اللغة الانجليزية.
المهم هو أن لا تنقطع عن اللغة الانجليزية كل يوم، حتى بأقل القليل، لذلك فإن مملت من طريقة تعلمك للغة فتوجه إلى طريقة أخرى، مثلاً إن كنت تتعلم عن طريق
مدرسة انجلش لايف ثم شعرت بالملل، توقف عن التعلم فيها وانتقل إلى تطبيق (
ESLPod Ensider) أو تطبيق (
English Bite) ، وإن مللت من هذه الطريقة فانتقل إلى المسلسلات والأفلام أو حتى حلقات الرسوم المتحركة.
هل تعلم أن هنالك تطبيقات جديدة لتعلم الإنجليزية تظهر كل شهر في متاجر التطبيقات لكلٍ من الأندرويد والآيفون، هنالك تطبيقات تظهر بأسلوب جديد مختلف عن التطبيقات الأخرى، لذلك حاول كل فترة البحث عن تطبيقات جديدة وثبتها في هاتفك المحمول وتعلم الإنجليزية من خلالها، كنوع من التجديد، صحيح أنه لا يمكنك الاعتماد كلياً على تلك التطبيقات، لكنها مفيدة في التغيير من أجل قتل الملل.