احتراماً وإجلالاً وعرفاناً بالجميل الذي يقوم به المعلم في تعليم الطلاب وإنشائهم نشأة صالحة، قام طلاب خريجون من المرحلة الثانوية في اليابان بغسل أرجل أساتذتهم، وذلك تكريماً لهم على مجهودهم وتقديراً لهم .
حيث سُئل إمبراطور اليابان ذات يوم، عن أسباب تقدم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب: «بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير».
رد موجز اختصر الكثير، وأطلق العنان للعديد من الدراسات والبحوث. نعم اليابان دولة اقتصادية من الدرجة الأولى، لكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه، لمجرد توفر المصانع ورؤوس الأموال والأسواق. دولة أدركت بعد ويلات الحروب، أن السبيل الوحيد للنهوض هو التعليم، وأن المعلم هو حجر الزاوية للمنظومة التعليمية.
يتفق الجميع في اليابان أن موقع المعلم يأتي بعد الإمبراطور مباشرة، وهذا سر تفوق اليابان العلمي. فهم يعرفون أن العلم الذي يكفل لبلدهم التقدم والتميز لا يأتي إلا عبر المعلم، وأن هذا المعلم لا يرجى منه نفع إن لم يكرم، فكرموه بوضعه في الدرجة الثانية بعد الإمبراطور، بحيث يسبق بذلك وزراء ونواباً وعسكريين وسياسيين ودبلوماسيين وغيرهم.
نعم المعلم في اليابان شيء آخر، فهو يحظى بإجلال وتقدير كبيرين لدى كافة فئات المجتمع، حتى إنه قديماً كان يصل إلى حد التقديس «خلال حكم ميجي وفترة ما قبل الحرب»، فعندما يدخل المعلم إلى الفصل، يقف الطلبة وينحنون احتراماً له، ويرددون عبارة «يا معلمنا نرجو أن تتفضل علينا وتعلمنا» وهو رجاء يفوق الاحترام العادي لأن لكلمة «سيسني» في اللغة اليابانية مدلولاً أدق وأعمق في المبالغة والاحترام. ولهذا تعتبر رمزاً فخرياً يطلق على الأطباء وأعضاء البرلمان.
وللمعلم مكانة اجتماعية خاصة لدى الأسرة اليابانية، إذ يتولى الوالدان غرس هذا الاحترام في نفوس الأبناء منذ السنوات الأولى للدراسة، ما يوفر للمعلم سلطة كبيرة في تعامله مع الطلاب في كافة المراحل، حتى أن الفصل الذي يتسع لـ 40 طالباً، يسيطر عليه المعلم بكل يسر وسهولة، بفضل مكانة المعلم وقوته.